مقتطفات

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [النساء: 13] لماذا سمى الله توجيهاته وفرائضه حدودًا؟

أ.د/ عبد السلام المجيدي

لقد سمى الله تعالى الفرائض حدودا؛
لأن حدود الله تشريعاته المنظمة للحياة التي تفصل بين الإنسانية وبين الخسارة والدمار، وبناء على البقاء ضمن هذه الحدود يتحدد المصير المستقبلي الخالد.. فتظهر عظمةَ الحدِّ في أنه يوضح النظم، ويمنع من التباس الحقوق، وتداخلها، كما يمنع أن يتجاوزه أحد إلا أن يكون مجرمًا في حق نفسه أو حق غيره. ولذلك قيل لحدود الدار وحدود الأرضين:
«حدود»، لفصلها بين ما حُدَّ بها وبين غيره، وجعل الله فرائضه حدودًا لأن البشر يجهلون بدقة مدى نفع كل واحد منهم للآخر، ولذا ربما غضب أحدهم على ابنه فمنعه الإرث ومنحه للكلب، فبين الله تعالى التقسيم الدقيق للإرث لتنمو الإنسانية وتتوزع الثروة على النساء والرجال بصورة دقيقة تضمن ألا يكون المال دولة بيد أفراد معدودين، ويقابل مقدار التوزيع مدى أفعالهم وطرق استثمارهم.

تذكر الآن: فحدود الله هي جميع فرائضه الشرعية، وتشريعاته المنظمة للحياة..
لا يغرنك أن استعمل الفقهاء هذا المصطلح في العقوبات؛ فإن حدود الله تعني تشريعاته في الإيمانيات.. تشريعاته في العبادات…تشريعاته في المعاملات.. تشريعاته في البيوع والمعاوضات والاقتصاديات.. حدوده تعني تشريعاته في العقوبات.. فحدود الله تشمل جميع التشريعات الإسلامية.
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} جملة تثير في نفسك ضرورة الشعور بعظمة التشريعات والتنظيمات السابقة، والتشريعات والتنظيمات اللاحقة..
فليشرب في قلبك التعظيمَ لكلام العلي الرحيم فإنه يقول: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}.

أ.د/ عبد السلام المجيدي

مفصل تفسير سورة النساء