جمال الكلمة القرآنية (16)
14 يونيو، 2023
422
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3]
مــا المعاني الثمانيــــة التي
تبصرنا بها كلمة (مــــــن)؟
لقد كان التعبير القرآني هنا في بيان صفات المتقين مدهشا حيث نصب الميزان الدقيق لمعالجة قضية مهمة فقال تعالى {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] فـ{من} التبعيضية تعني المراتب الآتية:
- النفقات الواجبة كالنفقة على النفس والأهل
- الزكاة، ففي «البخاري» قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «مَنْ كَنَزَهَا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا ، فَوَيْلٌ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلْأَمْوَالِ».
- الْإِنْفَاقُ فِي أنواع الْجِهَادِ لحماية الثغور العلمية والأمنية والمكانية
- الإنفاق على قضاء الدين
- الإنفاق على المحتاجين خارج نطاق الزكاة: إن لم يكن معهم ما يكفيهم.
- الْإِنْفَاقُ الْمَنْدُوبُ
- إنفاق الزائد الذي لا يُحتاج إليه في الحال أو في المآل القريب مما جرت العادة بعدم التضرر بإنفاقه
- ينبغي أن تعرف التوازن الكامل بين الإنفاق وبين الإمساك {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} .
ففي «صحيح ابن حبان وحسنه الأرناؤوط» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي دِينَارٌ فَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: “أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ”. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، فَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: “أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ”. قَالَ: عِنْدِي آخَرَ، قَالَ: “أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ”. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، فَمَا أَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: “أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ”. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، فَمَا أَصْنَعُ بِهِ قال: “أنت أعلم”.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح عن ابن عمر وإبراهيم النَّخَعي ومجاهد قال: كانوا يرون في أموالهم حقًّا سوى الزكاة، وعن ابن عباس رضي الله عز وجل عنهما -وصححه الألباني- أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((ليس المؤمن بالذي يشبَعُ وجارُه جائع إلى جنبه)).
أ.د/ عبد السلام المجيدي
وسيط تفسير سورة البقرة