علم الاجتماع القرآني.. ما الأسس التي تحدد لنا الصنف الذي يمنع الإنسانية من حقوقها، ويحارب الإدارة الراشدة، ويحرص على تدمير البشرية باللغو في الرسالة الإلهية؟
2 مايو، 2023
391
بعد ذكر الحقوق الإنسانية العامة والخاصة يذكر الله تعالى في المحور الرابع من سورة النساء
تعريفا بالصنف القيادي الأول الذي يمنع الإنسانية من حقوقها، ويحارب الإدارة الراشدة، ويحرص على تدمير البشرية باللغو في الرسالة الإلهية (النساء:44-46)
آيات هذا القسم:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (النساء:44-46).
حدد الله لنا الصنف القيادي الذي يتلاعب بحقوق الناس تحديدًا دقيقًا من خلال ذكر أهدافه وجنسه وصفاته، ويمكن أن نجمع هذه المعالم التي تشكل تفصيلًا مبينًا لهذا الصنف في الأسس الآتية، منها:
الأساس العاشر:
من صفاتهم الأساسية أنهم يقولون: ﴿ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ﴾.
بعد أن يقولوا: عصينا يتحولون إلى إملاء التوجيهات، فيخاطبون مقابلهم سواء أكان نبيًا أم كان وليًا أم كان مظلومًا أم كان صاحب حق.. يقولون بلهجة متعالية متكبرة: ﴿ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ﴾، وهذه العبارة تظهرهم في صورتين:
الصورة الأولى: اسمع منا غير مسمع، كقول القائل للرجل يَسُبُّه: «اسمع، لا أسمعَك الله»، فيكون غير مسمع أي غير سامع، فهو دعاء على من يقابلهم بالصمم، وذلك يدل على سفههم، وسوء خلقهم.
الصورة الثاني: ﴿ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ﴾ غير مقبول ما تقول، فكأنك لم تُسمِع شيئًا
والمراد من الصورتين أمرًا يدل على كبرهم وغرورهم وقسوة قلوبهم: سمعنا كلامك، وعصينا أمر ربك فيما تقول.. عصينا كل القوانين العادلة في حقك، ولكن ينبغي أنت أن تسمع لنا، واعلم مع سماعك لنا بأنك غير مقبول كلامك كأنك لم تقل شيئًا، فكأنهم ينعتون أنفسهم بأنهم مصدر التلقي، ومحل إصدار التوجيهات.