مقتطفات

لماذا قرن الله بين الأمانة والحكم بالعدل؟

أ.د/ عبد السلام المجيدي

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]

لعل هذا الاقتران يفيد أمورا

  1. أول مظاهر الأمانة تولية الأكفاء الذين يعدلون، والعدل ذاته أمانة لكنه يتعلق بأمانة القوة أو بأمانة القضاء، وانظر لفهم زيد بن أسلم لهذا الموضوع حيث قال: نزلت هذه الآية ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ في ولاة الأمر [1].
  2. هناك ضياء آخر في الآيات حيث جاء الأمر بالعدل بعد أن بين الله فيما سبق أنه آتى بعض أهل الكتاب الملك والحكمة وآتاهم ملكًا عظيمًا، لكنهم لم يرعوه حق رعايته، ولا استمعوه حق استماعه، ولا قاموا بأداء حقوقه.. فأمر هذه الأمة بتصحيح مسار ذلك الاعوجاج الإسرائيلي والنصراني المذهل، فإن حكموا بين الناس فليحكموا بالعدل لا بشريعة الظلم والمحاباة العنصرية التي زخرفت تحت شعارات كثيرة منها ما يسمى (الفيتو).
  3. اقتران أداء الأمانة إلى أهلها بإقامة العدل في الحكم يدل على شدة العلاقة بينهما، وقد بين النبي شدة العلاقة بينهما، وأن من أعظم مظاهر خيانة الأمانة تولية غير الأكفاء، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللهِ يُحَدِّثُ فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: أَيْنَ – أُرَاهُ – السَّائِلُ، عَنِ السَّاعَةِ قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ.

[1] تفسير الطبري ت شاكر (8/ 490).


الكلمات المفتاحية: قرن الله بين الأمانة والحكم بالعدل