ما وجه الارتباط بين الإقساط لليتامى وتعدد الزوجات في قول ربنا {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3]؟
13 يوليو، 2022
4961
تزخر سورة النساء بالتشريعات التي تبث الحياة وتحمي المستضعفين، ومنها الآية التي تعتبرها بعض النساء تدليلا للرجل على حساب المرأة، وما علمن أنها في مقام التكليف والمسؤولية وإقامة القسط، فقوله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3] بيان لحقوق المستضعفين من اليتامى والنساء، فإن الآية بمعناها الأول تبصرنا بأنه يجب التعامل الـمقسط مع اليتامى، ولو اقتضى ذلك البحث عن أكثر من زوجة ليكنَّ عونًا على رعاية اليتامى بالقسط، فيدخل في ذلك ثلاث صور:
الأولى: وإن خفتم ألا تقسطوا في رعاية اليتامى لأن زوجة الواحد منكم لا تستطيع القيام بذلك فانكحوا معها من النساء مثنى وثلاث ورباع ليساعدنكم على بث الحياة الإنسانية برعاية اليتامى:
فقد يكون الإنسان وصيًّا على يتيمٍ في حجره يربيه؛ لأن أباه أسند إليه تربيته، وقد يشعر المرء بواجبه تجاه الإنسانية، فيضم إليه بعض اليتامى، ويقوم بتربيتهم، لكنه لا يجد عند زوجته الاستعداد أو القدرة على إعانته في هذه المهمة العظيمة، فلينكح معها من النساء مثنى وثلاث ورباع ليكن عونًا له على أداء واجبه الرائع العظيم.
الثانية: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى لأن زوجاتكم يأبين ذلك حرصًا على مصلحتهن الخاصة، فاتركوهن، وانكحوا ما طاب لكم غيرهن فإنه يحل لكم ذلك مثنى وثلاث ورباع:
فربما تشوق الإنسان ليقوم بواجبه تجاه اليتامى، فيبتلي بزوجةٍ تأمره بما يسوء، وتخوفه من عواقب الفقر، وتنهاه عن البر، فأمر الله بالإقساط مع اليتيم حتى ولو اقتضى الأمر أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة، فالمعنى هنا ينصب على ضرورة القيام بحق اليتيم وإزالة العوائق التي تمنع من إشاعة التعاون على البر والتقوى في الأرض، ولو كانت من أقرب الناس.
الثالثة: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى لأن اليتامى لا يمكن صلاحهم إلا بالزواج من أمهاتهم الأرامل فانكحوا لأجل هذه المهمة الإنسانية من النساء مثنى وثلاث ورباع:
كم هو مدهش هذا البيان القرآني.. تصور كم في هذا الارتباط الشرطي الفريد من معانٍ في بث الحياة الإنسانية وتنظيمها الحقوقي.
وعند الدراسة التحليلية لمعنى القسط سوف تجد أنه هنا العدل في تقسيم الأنصبة الحيوية التي تتعلق باليتامى مالًا، ومعاملة، وسكنًا، وتعليمًا، وتأديبًا. (للمزيد طالع مفصل تفسير سورة النساء)
وإذا كان المعنى الأول مسؤولية توضع في ذمة الرجل يتحمل به أعباء رعاية الأيتام، فما المعنى الثاني؟
المعنى الثاني: يجب التعامل المقسط مع اليتيمات بحمايتهن من أن يستغل الوصي سلطته لإجبارهن على ما لا يردنه مثل إجبارهن على الزواج دون رضا أو إقساط، فإنه يمكن لمن يريد الزواج منهن أن يتزوج سواهن مثنى وثلاث ورباع، ويُبَصِّرُنا بذلك المعنى الثاني لقوله تعالى: تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3].
والمعنى: وإن خفتم ألا تقسطوا في إنكاح اليتيمات منكم أو من غيركم فاتركوهن وانكحوا ما طاب لكم في حدود الأربع:
وتبين المعنى الثاني لهذه الآية أم المؤمنين عائشة، فسألها عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عن هذه الآية فقَالَتْ: هِيَ اليَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله بَعْدُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا} [النساء:3] قَالَتْ: فَبَيَّنَ اللَّهُ فِي هَذِهِ أَنَّ اليَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَلَمْ يُلْحِقُوهَا بِسُنَّتِهَا بِإِكْمَالِ الصَّدَاقِ، فَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ المَالِ وَالجَمَالِ تَرَكُوهَا وَالتَمَسُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ. قَالَ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا. البخاري.
فالمعنى: إن كنتم لن تقسطوا لليتيمة في زواجها والتعامل معها فلا تستغلوا ضعفها وتجبروها على الزواج منكم بل ابحثوا عن غيرها؛ إذ يجوز لكم أن تتزوجوا مثنى وثلاث ورباع.
وهذا المعنى ذكرناه لأن عالمة الدنيا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ذكرته، مع أن فيه تخصيصًا لمفهوم اليتامى، واقتران الشرط، ولعلك تشتاق بعد هذا البيان إلى المعنى الآتي، فما المعنى الثالث.
المعنى الثالث: يبصرنا بأنه يجب المحافظة على مال اليتيم، ولذا لا يجوز أن تجاوزوا الأربع في الزواج، وسبب المنع من الزيادة المحافظة على مال اليتيم، ولذا قرن التعدد بالإقساط في اليتيم.
فقد كان بعض أولياء اليتامى في قريش يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل، فإذا صار معدمًا، مال على مال يتيمه الذي في حجره، فأنفقه، أو تزوج به، فقيل لهم: إن أنتم خفتم على أموال أيتامكم أن تنفقوها فلا تعدلوا فيها، من أجل حاجتكم إليها لما يلزمكم من مُؤن نسائكم، فلا تجاوزوا فيما تنكحون من عدد النساء على أربعٍ، وإن خفتم أيضًا من الأربع أن لا تعدلوا في أموالهم، فاقتصروا على الواحدة، أو على ما ملكت أيمانكم، وهذا التفسير نقل عن ابن عباس رضي الله عنه وسعيد بن جبير.
وأما المعنى الرابع فستجده ينطق بحق الزواج للنساء ولو ضمن إطار التعدد لتنال البشرية حقها في الانتشار والاستقرار، وليتحقق للمرأة وجود الزوج الشريك صاحب المسؤولية الكاملة.
ويُبَصِّرُنا به هذا الاقتران العجيب بين الشرط وجزائه في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3] أي: إن تحرَّجتم في أن تأكلوا أموال اليتامى فأنتم ممدوحون على ذلك، فكذلك فتحرّجوا من الزّنا، وانكحوا النساء نكاحًا طيبًا مثنى وثلاث ورباع:
فذكر الله هذا الحق ضمن أوائل الحقوق النسوية لأهميته البالغة؛ لأن المرأة بعد أن تكبر لا تجد لها مكانًا لسكنها مثل بيت الزوجية، وترى أن الله ذكر هذا الحق في سورٍ متعددةٍ على هيئاتٍ مختلفة:
فمرة ذكره على سبيل الأمر الذي يتحمله المجتمع ويقوم عليه، وينشئ له الأجهزة الحكومية والمنظمات المدنية التي تقوم عليه، فقال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32]
ومرة ذكره على سبيل الإنعام لأهميته لبقاء الحياة البشرية، فقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72]
ومرة ذكره على سبيل البيان بكونه من الآيات الإلهية العظيمة الدالة على وحدانيته سبحانه، فقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]، فبماذا تميزت سورة النساء وهي تثبت هذا الحق للنساء؟
تميزت هذه السورة بهذه الصياغة المبهرة للآية، حيث يقول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3].. إذن أثبتت السورة حق النساء في الزواج بهن ولو من خلال التعدد لمن التزم العدل مع الزوجات كما ذكرنا في التزامه العدل مع اليتامى، وتحقق لنا هذا المعنى من خلال الاقتران العجيب بين فعل الشرط وجواب الشرط؛ فأتى بفعل الشرط {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء:3] ثم نقلنا مباشرة إلى جوابٍ لا تعلق له به بادئ الرأي فقال {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:3]، فاستشكل بعض الناس العلاقة بين الإقساط في اليتامى والتعدد، لكننا بينا أن هذه الصياغة المعجزة أظهرت لنا عددًا من المعاني الرائعة، والآن ينتظم لنا من هذا الاقتران معنى خامس يتعلق بحقوق النساء يبينه الإمام مجاهدٌ، فيقول: إن تحرَّجتم في ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيمانًا وتصديقًا، فكذلك فتحرّجوا من الزّنى، وانكحوا النساء نكاحًا طيبًا مثنى وثلاث ورباع، ولا تجاوزوا ذلك ولا تجوروا معهن عند نكاحهن، كما لم تجوروا مع اليتامى في أموالهم، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم»، وهذا التفسير نقل عن ابن عباس رضي الله عنه وسعيد بن جبير، فكأن مجاهدًا يرشدنا إلى أن الله قرن الشرط بالجزاء ليكون الشرط مدحًا لهم، ويكون جزاؤه محذوفًا، والتقدير: كما خفتم من الجور في مال اليتامى، فخافوا كذلك من أن تزنوا، أو أن تقع نساؤكم في الزنى، فأشيعوا الزواج لإحصانهن، ولو ضمن إطار التعدد في حدود مثنى وثلاث ورباع.
وذلك لأن الزنى كان فاشيًا في الأوساط العربية بغير الحرائر، أما الشريفات من الحرائر وبنات العرب فكن يستنكفن من الزنا، وكان العرب يأنفون من ذلك ولا يتصورون أن تزني الواحدة منهم، لكن رجالهم كانوا يتساهلون في الزنى بذوات الرايات اللواتي أقمن بيوت دعارة لهن، فالله سبحانه وتعالى بين لهم ولهن أنهم كما يخافون الظلم في أموال اليتامى، فكذلك ينبغي أن يخافوا من الزنى، وأن يخافوا على نسائهم أن يقع منهن ذلك، والحل أن يشيعوا التعدد في النكاح مثنى وثلاث ورباع على ألا يجاوزوا ذلك ويتحروا العدل.
إن أردت معرفة شيوع الزنا بين رجال الجاهلية فإن أم المؤمنين عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَصَّلت ذلك، فذكرت أَنَّ النِّكَاحَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّساء اليَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ، أَوِ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالِيَ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ، فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنِكَاحُ الرَّابِعِ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ البَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمُ القَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالتَاطَ بِهِ، وَدُعِيَ ابْنَهُ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِالحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلاَّ نِكَاحَ النَّاسِ اليَوْم. البخاري.
فالآية تدل دلالة عظيمة على حق المرأة في الزواج ولو ضمن إطار التعدد، وينبغي للمسلمين أن يسعوا في توفير الزواج للنساء كما يسعون في تزويج فتيانهم، والصحابة رضي الله عنهم خير مثال تطبيقي لذلك، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر رضي الله عنهما من خنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرًا توفي بالمدينة – قال عمر: فلقيت عثمان بن عفان رضي الله عنه فعرضت عليه حفصة، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر. قال: سأنظر في أمري، فلبث ليالي. فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. قال عمر: فلقيت أبا بكرٍ رضي الله عنه، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر. فصمت أبو بكرٍ، فلم يرجع إليَّ شيئًا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر، فقال: لعلك وجدت عليَّ حين عرضت عليَّ حفصة فلم أرجع إليك؟ قلت: نعم. قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لقبلتها. البخاري.