حسنا

إلهي سوف أكلمك

أنت تعلم أني لا يحق لي أن أدعوك

أجد أني لا أستحق حتى أن ترزقني

ولكن جودك غلب عصياني

وحلمك غمر اتساخي

وأنا آتي إليك بكل تلك الأثقال

ليس اعترافا أقصد منه مجرد التنفيس عن ضيق الروح وثقل النفس

بل اعتراف من يخافك

يخاف سخطك وغضبك

يخاف أن تمنع عنه توفيقك في آخر لحظات الدنيا

يخاف وحشة القبر وغياب الأنيس واستيطان الظلمة وتَوَحْش الدود

يخاف أن يقف بين يديك فيكون كلامه

أستحق عذابك

إلهي أنت أرحم بي من كل رحيم حتى نفسي

ولكن عدلك إن قابلني هلكت

أنا هنا وحيدا أقف في صحراء العمر

تتوارد علي لفحات العدل لأكون متخلفا عن الركب

وفي ربيع عمري الذي استلف الفصول الأخرى ورحل إلى بساتين الموفقين

ما الذي يغرني بك

جهل مستولي وحلم منك سابل علي

وغرور طاغي وطول أمل منسي

تقلبني في مقام التطهير فأشكو

وأدعو أرفع عدلك، ثم أريد الجنة

ولكني جاهل وعجول ما يصلحني لا أرضاه

يكلمك صمتي بأني وجدت غيرك سرابا

لا يروي ظمأ ولا يمسح دمعة

حتى من يواسيك سوف يتغير

ثم كيف يمكن أن يدرك ألمك

ها أنا اليوم مريض

وماذا أصف؟

 آلام تأسدت بعد جوعها فوجدتني فريسة شاردة قريبة

غربة عظيمة حتى لا أجد من يواسي

بل من يسمع.

من فراش التعب المرهق أعزف آهات لا تخفف إلا لوعة متقدة

وماذا أخبرك وأنت تعلم ولكنها عبادة الدعاء وضعف العبودية

لا أدري هل أستعذب ألمي لأنه كفارة

أم أدافعه لأني وحيد هنا وأحتاج أن أقف

أقف ليس لأجل نفسي بل لأجل صبية ذنبهم أني أبوهم

ربي، من عزلة الوحدة التي هي أكرم لي أعطني القوة.

حتى أتحمل رياح التطهير يا عزيز يا غفور..

هناك وقفت وحيدا،

أرى العالم كأني لست منه.

أرى الدنيا تضحك مني والآخرة حزينة علي

أخشى أن أكون مغرورا،

لا أفهم،

وأدعي المعرفة التي تزين لي الاستمرار

أخشى أن تنتهي رحلتي وأنا هكذا

لا نفعت ولا انتفعت

لا أقبلت ولا أدبرت.

في المنتصف

تأخذه نزواته شمالا ثم محاسبات اللوم يمنيا.

وقد يأتي الموت وأنا هذا المفلس من حسنة الدنيا وحسنة الآخرة.

ها أنا أكتب إليك وهذه الأمراض تتغلغل في عظامي كأنها تبحث عن روحي لتقبضها

بماذا أحدثك؟

وميض الطهر مستتر بسحاب الذنوب وقسوة القلوب

أحدثك والكون يسبح لك ويدل عليك،

وكأني أسمع الجميع قد خشعوا لولا أنين يشوش عليهم حالة الرقي العظيم..

هل نسافر نحوك وأنت أقرب إلينا من حبل الوريد

نحتاج أن نترك أنفسنا لنشهدك

أن نسري بقلوبنا إلى معراج المعرفة فتسكن اضطرابات الروح

كنت أقول مما يقودني إليك سري

الذي يخفى على من بجواري

ألمي الذي لا يدركه إلا أنت

وها أنا أخلع رداء الحياء لأسألك الشفاء.

وأضعف أكثر فأخبر البعض، ربما تختبرني بهم وتختبرهم بي،

في نسيم الهبوب لا تبتليهم بل اجلبهم بوَرد الجَمال، ولا تأخذهم بسلاسل الجلال..

آمين يا ذا الجلال والإكرام..

أديب