لماذا يأتي الله تعالى بين الأحكام والقوانين في السورة الواحد ة بآيات فاصلة؟
3 نوفمبر، 2022
315
الإعجاز الترتيبي بين آيات القرآن
تجد مثلا في سورة النساء أن الله تعالى ذكر أحكام المواريث ثم فصل بينها وبين ما بعدها بقوله تعالى {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء: 12 – 14]، فقد تتساءل لماذا هذا الفصل؟
الجواب
إن هذا هو الأسلوب القرآني المميز، فبعد أن يذكر الله مجموعةً من القوانين والأحكام يأتي بالفاصل العاصم المحفز للإفادة المثلى من الآيات السابقة وبيان أسرارها، وللتمهيد للآيات اللاحقة وبيان مقاصدها والمصالح الضخمة التي تقيمها في الحياة البشرية،
وهكذا لا بد يأتي القرآن باستراحة مثمرة، وفاصلٍ مكمِّلٍ، وقنطرةٍ مشرقة بين المحور السابق لتوضيحه، والمحور اللاحق للتمهيد له في عرضٍ متكررٍ يحفز النفوس للتعامل الأمثل مع المحور السابق واللاحق..
إنه أسلوبٌ رائعٌ، وعرض مميز لا تجده في الكتب السابقة للقرآن المجيد، ولا المؤلفات البشرية اللاحقة كما لا تجده في المعلقات الشعرية العربية..
إنه القرآن المذهل تنتمي الحروف فيه والكلمات والتراكيب إلى الطرق البشرية في الكلام، لكنه كما ينتمي لها يتميز عنها في الوقت ذاته ليظهر الفرق بين كلام الخالق وكلام المخلوق حتى في العرض،
وهنا يحقق غرض البيان لأسس التشريعات السابقة وعظمتها، ويمهد لأن يتشوق المرء لسماع تنظيمات جديدة تحفظ الحياة البشرية، وتحميها.
أ.د/ عبد السلام المجيدي
مفصل تفسير سورة النساء