بديع التدبرات (10)
1 ديسمبر، 2022
420
جمال الكلمة القرآنية
هل من حكمة في تخصيص الله تعالى فعل المجيء مع الحسنة، و فعل الإصابة مع السيئة في قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} [الأعراف: 131]؟
تجد في الآية أن الله سبحانه وتعالى قد استخدم مع الحسنة الفعل (جَاءَتْهُمُ) ومع السيئة الفعل (تُصِبْهُمْ) فما السر البديع من ذلك؟
الجواب
ليبين ربنا تعالى اختلاف سبب مجيء الحسنة وإصابة السيئة،
فــــ{جاءتهم} تعني وصلتهم من جهة أخرى، والحسنة من فضل الله دائمًا،
وأما {تصبهم} فمن (صَوَبَ) وهي كلمة تدل عَلَى الصواب أي على وصول شَيْءٍ إلى مكانه المناسب الصحيح، ومِنْ ذَلِكَ الصَّوَابُ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، فالإصابة جاءت في الشر لتدل على عدل الله عندما يصيب عباده بمصيبة إما ابتلاء وإما عقوبة.
وعندما تقلب الطرف تجد هذا أقرب مما قرره الطاهر –رحمه الله عز وجل-.. وستقول: ما الذي قرره ابن عاشور وهو من كبار المفسرين؟
لقد قرر أنه عُبِّرَ في جانِبِ الحَسَنَةِ بِالمَجِيءِ لِأنَّ حُصُولَها مَرْغُوبٌ، فَهي بِحَيْثُ تُتَرَقَّبُ كَما يُتَرَقَّبُ الجائِي،
وعُبِّرَ في جانِبِ السَّيِّئَةِ بِالإصابَةِ لِأنَّها تَحْصُلُ فَجْأةً عَنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ ولا تَرَقُّبٍ.
وهذا الذي قرره يمكننا أن نجعله فرقًا ثانيًا عندما نعتبر قوله {تصبهم} خاص بالكوارث والمحن والمؤلمات، وهو كذلك عرفًا، ولكن الاستعمال القرآني قد يستعمله في الخير..
أ.د/ عبد السلام المجيدي
مفصل تفسير سورة الأعراف