علم الاجتماع القرآني.. ما الأسس التي تحدد لنا الصنف الذي يمنع الإنسانية من حقوقها، ويحارب الإدارة الراشدة، ويحرص على تدمير البشرية باللغو في الرسالة الإلهية؟
20 مارس، 2023
380
بعد ذكر الحقوق الإنسانية العامة والخاصة يذكر الله تعالى في المحور الرابع من سورة النساء
تعريفا بالصنف القيادي الأول الذي يمنع الإنسانية من حقوقها، ويحارب الإدارة الراشدة، ويحرص على تدمير البشرية باللغو في الرسالة الإلهية (النساء:44-46)
آيات هذا القسم:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (النساء:44-46).
حدد الله لنا الصنف القيادي الذي يتلاعب بحقوق الناس تحديدًا دقيقًا من خلال ذكر أهدافه وجنسه وصفاته، ويمكن أن نجمع هذه المعالم التي تشكل تفصيلًا مبينًا لهذا الصنف في الأسس الآتية، منها:
الأساس التاسع:
من صفاتهم الأساسية ما يرددونه لأعظم أنبيائهم: ﴿ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾.
وهذه العبارة القرآنية تحكي حالتين لهم، وكل حالةٍ تناسب فئةً منهم حسب نفسياتهم أو حسب لعب الأدوار بينهم.
الحالة الأولى: أَنَّ الأنبياء ابتداء بموسى وانتهاء بمحمد صلى الله عليهم وسلم كَانَوا إِذَا أَمَروهُمْ بِشَيْءٍ قَالُوا فِي الظَّاهِرِ: سَمِعْنَا الكلام ووعيناه وفهمناه، وَقَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: وَعَصَيْنَا مقتضياته، فلم نعمل بصالحه، وسنقوم بكل ما يلزم لإحباطه، وهؤلاء يشبهون الذين يخالطون المسلمين ويخدعونهم بمعسول القول والكلام، ويضمرون الخداع، ومنهم الذين يتفاوضون معهم في إطار المؤسسات الدولية.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ كَانُوا يُظْهِرُونَ قَوْلَهُمْ: سَمِعْنَا الأقوال وَعَصَيْنَا بالأقوال والأفعال، إِظْهَارًا لِلْمُخَالَفَةِ، وَاسْتِحْقَارًا لِلْأَمْرِ، وعنادًا واستهزاء وسخرية بأهل الحق، وإظهارًا لأنفسهم الظالمة بمظهر القوي الآمر في الخلق، وهذا يدل على تعمدهم على الإجرام اللساني مع الإجرام الفعلي.. فتلك قنواتهم الإعلامية ما تفتأ تظهر تلاعبهم بكل ما هو صدق وحق في الوجود.. إذن هم يسمعون أقوال الآخرين، ويسمعون كلام رب العالمين، ويسمعون آهات المظلومين، ولكنهم يتفاخرون عندما يتلبسون بالمعصية، ويعلنون أو يسرون ذلك حسب فئاتهم.
أ.د/ عبد السلام المجيدي
مفصل تفسير سورة النساء