قاعدة تكرار النكرة والمعرفة وآيتا سورة الشرح
10 أبريل، 2023
1906
أنتج التدبر القرآني عدداً من القواعد التي حاول أصحابها إظهار الجمال والجلال في النظم القرآني، ومن ذلك ما تداوله كثيرٌ من المفسرين والنحويين حول (تكرار النكرة والمعرفة) حيث ظهرت استنباطاتهم هنا أخذاً من تدبر قوله تعالى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (*) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}(الشرح:5-6).
ولتحقيق الأمر حول هذه القاعدة، وبيان جلال المعاني القرآنية وعظمتها يمكننا إجمال الكلام في الآتي:
أولاً: بيان قاعدة تكرار النكرة والمعرفة:
تتكون هذه القاعدة من جزأين:
الجزء الأول: إذا تكررت المعرفة لفظاً فهي الأولى معنى.
الجزء الثاني: إذا تكررت النكرة لفظاً فالثانية غير الأولى.
وبين عددٌ من أهل العلم هذه القاعدة، ومنهم الطحاوي في شرح مشكل الآثار، والسمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون فقالوا: العرب إذا أَتَتْ باسمٍ ثم أعادَتْه مع الألفِ واللامِ ِكان هو الأولَ نحو: «جاء رجلٌ فأكرمْتُ الرجلَ»، أما إذا كان الاسمان المكرران نكرة فإن الأول غير الثاني ـ غالبا ـ لأن تكرار النكرة يدل على تعددها فالنكرة الأولى غير النكرة الثانية.
ومثلوا للجزء الأول من هذه القاعدة بعدد من الأمثلة القرآنية منها:
1) قوله تعالى: {كَمَآ أَرْسَلْنَآ إلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فعصى فِرْعَوْنُ الرسول}(المزمل: 15-16) قالوا: ولو أعاده نكرة لكان غيرَ الأول.
2) قوله تعالى في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ () صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}(الفاتحة:6-7) فالصراط في المَوضع الأول معرفة بأل، وفي الثاني معرفة بالإضافة، فالمراد بالاسم الأول هو عينه الاسم الثاني، فصراط الذين أنعم الله عليهم هو نفس الصراط المستقيم. 3) قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}(الصافات:158)، فالجنة الثانية هي الأولى. 4) قوله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ () أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}(الزمر: 2-3)، فالدين ثانياً هو عينه الأول كما قالوا.
5) قوله تعالى: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ
السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(غافر:9) فذكروا أن معنى السيئات ثانياً هو معناها أولاً، مع أن الثانية أعم من الأولى كما هو واضح.
ومثلوا للجزء الثاني من هذه القاعدة بعدد من الأمثلة منها:
1) {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}(سبأ: 12) فالشهر الثاني غير الشهر الأول، ويكون المجموع شهران.
2) وأشهر الأمثلة التي مثلوا بها هو قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (*) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}(الشرح:5-6) فقالوا لَمَّا أعاد العُسْرَ الثاني أعادَه بأل، ولَمَّا كان اليُسْرُ الثاني غيرَ الأولِ لم يُعِدْه ب أل.
ثانياً: مناقشة بعض المحققين لهذه القاعدة:
ذهب بعض المحققين إلى أن هذه القاعدة ليست مطردة ولا مطلقة، بل خطَّأ عددٌ من المحققين القول بإطلاق هذه القاعدة، ومنهم أبو علي الجرجاني في كتابه (نظم القرآن)-وليس هو عبد القاهر-، وابن هشام في (مغني اللبيب) حيث قال في الباب السادس: “فِي التحذير من أُمُور اشتهرت بَين المعربين وَالصَّوَاب خلَافهَا، وَهِي كَثِيرَة وَالَّذِي يحضرني الْآن مِنْهَا عشرُون موضعا” ثم ذكر هذه القاعدة في الموضع الرابع عشرة فقال: “أوْلهم إِن النكرَة إِذا أعيدت نكرَة كَانَت غير الأولى وَإِذا أُعِيدَت معرفَة أَو أُعِيدَت الْمعرفَة معرفَة أَو نكرَة كَانَ الثَّانِي عين الأول” ثم استشكلها رحمه الله وذكر بعض ما يرد على هذه القاعدة، ومن أبرز ما يعترض الاطراد المطلق في هذه القاعدة ورود مواضع قرآنية لا يمكن تطبيقها عليها، ومنها:
1) قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً}(الروم:54) فتكرر النكرة (ضعف-قوة) لا يعني أن لهما المدلول ذاته كما هو واضح.
2) قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}(الزخرف:84) فلو أعملت القاعدة لكانت النكرة الثانية غير الأولى، ويكون هناك إلهان-تعالى الله- فالله سبحانه إِلَه وَاحِد، والضمير في أول (وهو) يغني عن التكلف الذي ذكره بعضهم حول توجيه الآية عند الإصرار على إعمال القاعدة المذكورة، فالمبتدأ (وهو) هو المسند إليه، وما بعده خبر عنه فهو المسند بما يحويه من الاسم الموصول وجملة صلته وكلها تعبر عن إله واحد سبحانه أشير إليه بقوله (وهو)، والمعنى ألوهيته سبحانه ثابتة في السماء كما هي ثابتة في الأرض.
وما ذكر في توجيه هذه الآية يكفي لعدم إيراد إشكال بناء على تقعيد القاعدة المذكورة، ثم البحث عن سبيل حلِّه.
3) قَوْله تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}(النساء:128) فالمعرفة غير النكرة فَالصُّلْح الأول خَاص وَهُوَ الصُّلْح بَين الزَّوْجَيْنِ وَالثَّانِي عَام وَلِهَذَا يسْتَدلّ بهَا على اسْتِحْبَاب كل صلح.
4) قوله تعالى: {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ}(النحل:88) وهنا المعرفة غير النكرة فالعذاب الأصلي (وهو المعرف) نوع، والعذاب الزائد يحتمل أن يكون مغايراً له أو هو ذاته أعيد ولا دليل على تعيين أحد الأمرين.
5) قَوْله تَعَالَى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ}(آل عمران:26) فَإِن الْملك الأول عَام وَالثَّانِي خَاص.
6) قوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}(الرحمن:60) تكررت هنا المعرفة فَالإحسان الأول غير الثاني فالأول هو الْعَمَل وَالثَّانِي هو الثَّوَاب، وهذا يذكر استطراداً لبيان أنواع التكرار معرفة أو نكرة.
7) قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}(المائدة:45) فَإِن النفس الأولى هو النفس القاتلة وَالثَّانيِة هي المقتولة وَكَذَلِكَ بَقِيَّة الْآيَة، وهذا المثال كسابقه.
8) {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ}(النساء:153) فمعنى المعرفة (الكتاب) يختلف عن معنى النكرة المماثلة لها لفظاً (كتاباً) فالكتاب أولاً هو التوراة والإنجيل، والكتاب ثانياً هو غيرهما.. مع الاشتراك العام في جنس الكتاب لكن المماثلة التامة منتفية.
9) {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}(المرسلات:15) حيث تكررت هذه الكلمة (ويل) أحد عشر مرة مع تكرار كلمة (المكذبين) وهي معرفة فلا يقال: إن اللاحقات فيها غير السابقات عيناً، بل قد يكون الويل اللاحق عين الويل السابق في الآيات، وقد يكون غيره من حيث تناول الأول لبعض جنس الويل وتناول اللاحق لبعضٍ آخر من الجنس ذاته، ولذا قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: “صارت جملة {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}(المرسلات:15) بمنزلة التذييل، فحصل في هذا النظم أسلوب رائع، ومعان بدائع… ثم أن هذه الجملة صالحة لمعنى الخبرية ولمعنى الإنشاء لأن تركيب “ويل له” يستعمل إنشاء بكثرة”.
وبناء على ذلك مال ابن هشام إلى تعديل هذه القاعدة لتكون أكثر دقة بأن يقال: إذا أعيدت النكرة معرفة فهي عينها، وإذا أعيدت نكرة فهي غيرها، وأضاف “مَعَ عدم الْقَرِينَة فَأَما إِن وجدت قرينَة فالتعويل عَلَيْهَا”، والقرينة المشار إليها تكون في الجزءين (المعرفة والنكرة) وذلك بسبب وقوع الاحتمال، والقرينة تعين المراد هو السابق أم غيره وما هو وجه المغايرة.
ثالثاً: توجيه موضع سورة الشرح:
ذكروا توجيهاً يبين سبب التكرار وقوة المعنى فيه في آيتي سورة الشرح فقالوا:
الظَّاهِر فِي آيَة سورة الشرح أَن الْجُمْلَة الثَّانِيَة تكْرَار للجملة الأولى كَمَا تَقول إِن لزيد دَارا إِن لزيد دَارا وعَلى هَذَا فالثانية عين الأولى، ولكن لهذا التكرار معانٍ منها:
1) اصطحاب اليسر للعسر ومقارنته، ولكننا -البشر- قوم يستعجلون: ففي الكشاف: “أراد أن الله يصيبهم بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب، فقرّب اليسر المترقب حتى جعله كالمقارن للعسر، زيادة في التسلية وتقوية القلوب”.
2) وجود (اليسرين) يستفاد من التأكيد، وليس من تنوع النكرة، بل مستفاد من تنوع محتوى النكرة، أو هو مستفادٌ منها بمقتضى التكرار المؤكد المفيد معنى متجدداً لا أن القاعدة المذكورة هي الفيصل الوحيد فيه، ولذا ذكر الزمخشري في الكشاف توجيه وجود اليسرين لا بمقتضى القاعدة المذكورة فقال: “بناء على قوّة الرجال، وأن موعد الله لا يحمل إلا على أوفى ما يحتمله اللفظ وأبلغه، والقول في أنه يحتمل الجملة الثانية تكريراً للأولى كما كرر قوله : {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}(المرسلات:15) لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب، وكما يكرر المفرد في قولك: جاءني زيد زيد ، وأن تكون الأولى عِدَةٌ بأنّ العسر مردوف بيسر لا محالة، والثانية عدة مستأنفة بأنّ العسر متبوع بيسر، فهما يسران على تقدير الاستئناف، وإنما كان العسر واحداً لأنه لا يخلو:
- إما أن يكون تعريفه للعهد، وهو العسر الذي كانوا فيه، فهو هو؛ لأنّ حكمه حكم زيد في قولك: إن مع زيد مالاً، إن مع زيد مالاً.
- وإما أن يكون للجنس الذي بعلمه كل أحد فهو هو أيضاً.
وأما اليسر فمنكر متناول لبعض الجنس، فإذا كان الكلام الثاني مستأنفاً غير مكرر فقد تناول بعضاً غير البعض الأوّل بغير إشكال”.
3) سبب الإتيان باليسر منكراً: للتفخيم، كأنه قيل: إن مع العسر يسراً عظيماً وأيّ يسر، ونقل الزمخشري أنه في مصحف ابن مسعود مرة واحدة، وهي مسألة دون إثبات صحتها حمل الجبال.
نوع اليسر الأول والثاني:
اليسر الأول غير اليسر الثاني وإن اشتركا في جنس اليسر، فقد ذكر المفسرون كالزمخشري في الكشاف، وشراح الحديث كالمناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير وجوهاً متعدداً لليسر هي أقرب إلى التمثيل منها إلى التعيين، ومنها:
1) الأول ما تيسر لهم من الفتوح في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني ما تيسر لهم في أيام الخلفاء،
2) الأول يسر الدنيا والثاني يسر الآخرة كقوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}(التوبة: 52) وهما حسنى الظفر وحسنى الثواب، ولذا قال محمد أنور شاه بن معظم شاه الكشميري الهندي (ت 1353هـ) في فيض الباري شرح البخاري: “قوله: (لن يغلب عسر يسرين) كنا نرى أنَّ الموعود يسران في الدنيا، فظهر من الحديث أنَّ المرادَ منه يُسْرٌ في الدنيا، ويُسْرٌ في الآخِرة”، فقد كان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ هُوَ وَأَصْحَابه فِي عسر الدُّنْيَا فَوسعَ الله عَلَيْهِم بالفتوح والغنائم ثمَّ وعد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِأَن الْآخِرَة خير له من الأولى فالتقدير إِن مَعَ الْعسر فِي الدُّنْيَا يسراً فِي الدُّنْيَا وَإِن مَعَ الْعسر فِي الدُّنْيَا يسراً فِي الْآخِرَة للْقطع بِأَنَّهُ لَا عسر عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة فتحققنا اتِّحَاد الْعسر وتيقنا أَن لَهُ يسرا فِي الدُّنْيَا ويسرا فِي الْآخِرَة.
3) ومن المعاني الجميلة التي ذكروها أن اليسر الأول مجاهدة النفس، واليسر الثاني العون من الله.
رابعاً: الكلام في الحديث المروي فيها: (لن يغلب عسر يسرين):
1) ورد هذا الحديث موقوفاً ومرفوعاً فرواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم قال: كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعاً من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر بن الخطاب: (أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة يجعل الله بعده فرجاً، وإنه لن يغلب عسر يسرين، وإن الله تعالى يقول في كتابه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون}(آل عمران:200) إلا أنه لا دلالة في هذا القول على ارتباطه بآية سورة الشرح، فيحتمل تعلقه بها وأن عمر استنبطه منها، ويحتمل أنه استنبطه من غيرها.
2) ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والحاكم وصححه من قول عمر رضي الله عنه بمثله، وزاد فيه فكتب إليه أبو عبيدة سلام عليك وأما بعد فإن الله يقول في كتابه: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}(الحديد:20) إلى آخرها قال : فخرج عمر بكتابه فقعد على المنبر فقرأ على أهل المدينة ثم قال: يا أهل المدينة إنما يعرض بكم أبو عبيدة أن ارغبوا في الجهاد، وعند ابن أبي شيبة فقالَ زَيْدٌ: فَقَالَ أَبِي: وَإِنِّي لَقَائِمٌ فِي السُّوقِ إذْ أَقْبَلَ قَوْمٌ مُبْيَضِّينَ قَدَ اطَّلَعُوا مِنَ الثَّنْيَةِ فِيهِمْ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ يُبَشِّرُونَ النَّاسَ ، قَالَ : فَخَرَجْت أَشْتَدُّ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى عمر فَقُلْت: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْشِرْ بِنَصْرِ اللهِ وَالْفَتْحِ، فَقَالَ عُمَرُ : اللَّهُ أَكْبَرُ رُبَّ قَائِلٍ لَوْ كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ.
3) وذكر هذا القول البخاري في صحيحه في تفسير سورة الشرح فقال: “قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَيْ مَعَ ذَلِكَ الْعُسْرِ يُسْرًا آخَرَ كَقَوْلِهِ {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْن}(التوبة:52) وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ”، واليسران هنا يحتمل أن يكون من كلام ابن عيينة وهو الظاهر ويحتمل أنه أن التتمة من كلام البخاري، كما يحتمل أن يكون أراد باليسرين الاستنباط من آية الشرح، ويحتمل أنه أراد الاستنباط من آية براءة التي فيها {إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}
4) ويمكن ذكر خلاصة روايات هذا الحديث بما ذكره ابن حجر في فتح الباري حيث قال: “قوله (ولن يغلب عسر يسرين) وروى هذا مرفوعاً موصولاً ومرسلاً، وروى أيضاً موقوفاً أما المرفوع فأخرجه ابن مردويه من حديث جابر بإسناد ضعيف ولفظه ((أوحى إلي أن مع اليسر يسرا إن مع العسر يسراً ولن يغلب عسر يسرين))، وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق من حديث بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كان العسر في جحر لدخل عليه اليسر حتى يخرجه ولن يغلب عسر يسرين -ثم قال- {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (*) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}(الشرح:5-6))) وإسناده ضعيف، وأخرجه عبد الرزاق والطبري من طريق الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه عبد بن حميد عن بن مسعود بإسناد جيد من طريق قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بشر أصحابه بهذه الآية فقال: ((لن يغلب عسر يسرين إن شاء الله))، وأما الموقوف فأخرجه مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر …وقال الحاكم: صح ذلك عن عمر وعلي، وهو في الموطأ عن عمر لكن من طريق منقطع وأخرجه عبد بن حميد عن بن مسعود بإسناد جيد وأخرجه الفراء بإسناد ضعيف عن بن عباس” وانظر السلسة الضعيفة.