تحفة الزمن في تراجم قراء اليمن (18)
26 نوفمبر، 2023
359
المقرئ هادي بن حسين القارني (ت 1238هـ)
من قراء مدينة صنعاء
اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه:
هادي بن حسين القارني ثم الصنعاني. والقارني: نسبة إلى قرية (قارن) من أعمال عمران البون وفي غربيه.
❄❄❄❄❄❄❄
ولادته، ونشأته، وحياته العلمية:
ولد الفقيه المقرئ هادي القارني سنة 1164هـ بصنعاء، ونشأ بها، وكان في مُقْتَبَل أوانه، وعنفوان شبابه وزمانه من جملة أعيان الأجناد مع المهدي العباس، ثُمَّ ترك ذلك وأقبل على حفظ القرآن الكريم حتى أتمَّه عن ظهر قلب، ثم أسمعه بالسبع القراءات على بعض مشائخ صنعاء، حتى صار من أعيان مشايخه، ولمَّا قَدِمَ إلى صنعاء الشيخ المقرئ علي بن عثمان بن حجر الرومي- أحد العلماء المبرزين في القراءات- قرأ عليه القراءات السبع، ثُمَّ قرأ عليه القراءات العشر، وقرأ عليه في جميع ما يحتاج إليه المشايخ من علوم القراءات، من حفظ الشاطبية، والدرة، وشروحهما، وغيرها، من كتب الفن، فأدرك في ذلك ما لم يدركه غيره من المشايخ المعتبرين في عصره في قطر اليمن كله، وصار شيخًا لجميع مشايخها، إليه النهاية في ذلك والغاية، محقِّقًا، ومنفردًا بهذا العلم.
كما أخذ الفقه عن الشيخ العلامة أحمد بن محمد الحرازي، ولازمه مدة، مشاركًا للإمام الشوكاني في القراءة عليه، حتى برع في الفقه أيضًا، وأخذ في علم النحو والصرف، وعلم المعاني والبيان، وعلم الأصول، وعلم التفسير، وعلم الحديث، عن جماعة من مشائخ صنعاء، منهم جماعة من شيوخ الإمام الشوكاني، كما أخذ عن الإمام الشوكاني في البخاري، ونيل الأوطار، وأحكام الإمام الهادي، وفتح القدير في التفسير، وغيرها. واستفاد في جميع ذلك وصار مشاركًا لعلماء العصر في فنونهم مع تفرده عنهم بمعرفة القراءات.
❄❄❄❄❄❄❄
مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه:
ترجم له الإمام الشوكاني، ومما قاله عنه: “… برع في علم القراءات، وصار منفردًا بهذا العلم، وشيخا لغالب القراء من أهل صنعاء منهم من تلا عليه بالسبع ومنهم من تلا عليه ببعضها وله خبرة كاملة بشروح الشاطبية وغيرها من كتب الفن، وبرع في الفقه أيضًا، وأخذ في علم النحو والصرف، والمعاني والبيان والأصول والتفسير والحديث… وصار مشاركًا لعلماء العصر في فنونهم، مع تفرده عنهم بمعرفة القراءات، وهو أحد شيوخي في التلاوة وأخذت عنه في شرح الجزرية وقرأت عليه في أيام الصغر في الملحة وشرحها، ثم بعد ذلك أخذ عني في مسموعات منها في شرحي على المنتقى بعد أن كتبه، وقد سمع الآن بعضه، وهو مستمر في السماع، وسمع مني بعض البخاري، وبعض الأحكام للإمام الهادي، وهو الآن يدرس في عدة فنون، مع دين متين، وورع، وعفاف، وقنوع، ومحبة لمقاصد الخير، ونفع الفقراء، والاشتغال بخاصة النفس، والوقوف على مقتضى الشرع، والانجماع عن بني الدنيا، والإقبال على الطاعة، والتلاوة، والأذكار، والتزيد من التودد، وحسن الخلق، وبمجموع ما حواه من خصال الكمال، صار محبَّبًا إلى الناس، مقبولًا عندهم، معروفًا بالديانة، والصيانة، والأمانة، وكثيرًا ما يقصدونه في فصل كثير من الخصومات، وتخصيص التركات، فيُحكِمُ ذلك غاية الإحكام، ويقنع بما تطيب به نفوسهم، وقد يفعل ذلك بدون أجرة، وكثيرًا ما ينوب عنِّي في أعمال شرعية، فيقوم بها قيامًا تامًّا، ويفصلها فصلًا حسنًا، أدام الله النَّفع به”.
وترجم له الشجني في التقصار، فقال: “العلامة، الفاضل، الورع، الزاهد، الكامل، النبيل، التقي العبادة، الذكي، برع في كثير من الفنون على اختلافها…تلا القراءات السبع، ثُمَّ جاوز ذلك إلى العشر، وقرأ في جميع ما يحتاج إليه المشايخ من علوم القراءات، فأدرك فيها وفي علومها ما لم يدركه غيره من المشايخ في عصره المعتبرين في صنعاء اليمن، بل في قطر اليمن بأجمعه، وصار شيخًا لجميع مشايخها، إليه النهاية في ذلك والغاية… وصار من أكابر علماء صنعاء، وأمَّا في القراءات وعلومها، فهو شيخ جميع مشايخ عصرنا بالاتفاق، وإليه المرجع لجميع المتصدرين من كبار القراء؛ لأنَّه أستاذ الجميع في ذلك، وكلهم أخذوا من طريقه”.
وترجم له زبارة في نيل الوطر، فقال عنه: “الفقيه، العلامة، التقي، المقرئ، الشهير”.
❄❄❄❄❄❄❄
سنده في القراءات:
قرأ المقرئ هادي بن حسين القارني القراءات العشر على المقرئ السلطان محمود أبو محمد الحاج عبد الله بن محمد بن يوسف، وهو عن المقرئ والده محمد بن يوسف، وهو عن المقرئ والده يوسف، وهو عن شيخه المقرئ محمد المغربي، وهو عن المقرئ محمد المصري المدفون بخارجة المدرسة التي بناها الوزير محمد باشا ببقعة أبي أيوب الأنصاري، وهو عن العلامة المقرئ ناصر الدين محمد بن سالم الطَّبْلَاوِي، وهو عن العلامة المقرئ شيخ الإسلام زكريا الأَنْصَارِي، وهو على الشيخين البُرهان أبي العباس أحمد بن بكر بن يوسف القَلْقِيلِي المعروف بِالإسْكَنْدَرِيِّ، والزَّين أبي النعيم رضوان بن محمد بن يوسف العُقْبِيِّ، وهما على الشَّمس محمد بن محمد بن محمد بن الجَزَرِيِّ، وهو بأسانيده المعروفة إلى القراء العشرة.
❄❄❄❄❄❄❄
شيوخه، وتلاميذه:
أخذ المقرئ هادي القارني القراءات وفنون العلم عن عدد من كبار علماء عصره، منهم: المقرئ علي بن عثمان بن حجر الرومي، والعلامة أحمد بن محمد قاطن الثلائي، والعلامة أحمد بن محمد الحرازي، والعلامة الحسن بن إسماعيل المغربي، والإمام القاضي محمد بن علي الشوكاني.
وأخذ عنه: العلامة الحسين بن أحمد الظفري، الفقيه المقرئ ياقوت بن أحمد الماس الحبشي، وغيرهما.
❄❄❄❄❄❄❄
وفاته -رحمه الله-:
انتقل المقرئ هادي بن حسين القارني إلى جوار ربه سنة ثمان وثلاثين ومائتين وألف هجرية، بمدينة صنعاء.
❄❄❄❄❄❄❄
أهم المصادر والمراجع:
1) البدر الطالع (2/319-320).
2) التقصار (ص432-433).
3) نيل الوطر (1/365)، (2/374-375).