ما أهم أهداف القتال في سبيل الله؟ وما حكم إنقاذ المستضعفين ولو كانوا من الكفار؟ علم الاجتماع القرآني (21)
13 نوفمبر، 2023
538
يبين القرآن العظيم أهم أهداف القتال في سبيل الله تعالى فيبين بطريقة البناء البياني سياقا وتصريحا أنه
الدفاع عن حقوق الإنسان بأداء الأمانات إلى أهلها، والدفاع عن الحكم بالعدل. وهذا بصرنا به مجيء استراتيجية أخذ الحذر بعد تقرير جملة الحقوق العالمية العامة والخاصة، ونصرة الـمستضعفين سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين،
والمستضعفون هم من استباح الظالمون كرامتهم،
ويُبَصِّرُنا بهذا الهدف قوله تعالى ذكره: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [النساء: 75].
كلمة ﴿الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ معطوفة على ﴿سَبِيلِ اللَّهِ ﴾، والتقدير: وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفي خلاص الـمسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ، أو يكون مَعْطُوفًا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، والتقدير: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين، ويكون تخليص المستضعفين من سبيل الله ولكنه عطفه عليه من باب عطف الخاص على العام لأهميته أو لغياب حضوره عند الناس، وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ: وَالمُسْتَضْعَفِينَ مَنْصُوبًا عَلَى الِاخْتِصَاصِ يَعْنِي وَأخْتَصُّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ خَلَاصَ المُسْتَضْعَفِينَ، لِأَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ عَامٌّ فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَخَلَاصُ المُسْتَضْعَفِينَ مِنْ أَعْظَمِ الخَيْرِ وَأَخَصِّهِ..
عد بنا إلى الاستفهام:
﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ ﴾ هذا استفهام إنكاري توبيخي.. ما معنى أنه توبيخي؟
حدد ابن هشام ضابط الإنكار التوبيخي بأن مَا بعْد أداة الاستفهام وَاقع وَفَاعله ملوم، فهم لم يقاتلوا في سبيل الله لإنقاذ المستضعفين، وفعلهم هذا يستحق اللوم،
وهذه الآية تحرض المسلمين على إنقاذ المستضعفين المظلومين عمومًا حتى لو كانوا غير مسلمين؛ فإن إنقاذ المستضعفين واجب حتى لو كانوا كفارًا، لأن الشريعة الإسلامية جاءت بالعدالة للعموم؛ فالله جلَّ مجده يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135]، وقال تعالى جده: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] وقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].
المجيدي
مفصل تفسير سورة النساء