المقالات

توقيت النزول المعجز لسورة البقرة

أ.د/ عبد السلام المجيدي

في ظل نزول القرآن ليشرق على الحياة ببناء أعظم جيل وخير أمة كان النزول التاريخي غاية في الإعجاز والتربية ومن ذلك نزول سورة البقرة وقد تسأل

كيف صارت سورة البقرة نازلة في زمنها التَّاريخيِّ المناسب؟ وما دلالات هذا التَّوقيت؟

الجواب: دلالات توقيت النزول تتجلى فيما يأتي:

  1. هي أَول سورة نزلت بعد هجرة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم إِلى المدينة

فارتبط نزولها بتأسيس حضارة الهدى، والنُّور، والرشد، وظهورها في الواقع العالمي لتزيل احتكار الشرعية الدولية المزورة الظالمة، التي اقتسمت النفوذ فيها دولتا فارس والروم، في الوقت الذي سيطرت فيه القوى الوثنية والمحرفة على زمام الأمور في جزيرة العرب، فارضة أبشع أنواع الظلم، والعبث بمصير البشريَّة.

  • وانظر إلى جمال الإحكام القرآنيِّ لتشيد الحضارة، حيث أنزل الله تعالى قبلها سورة (المطففين) 

حيث نزلت في طريق الهجرة؛ تمهيدًا لتكوين السُّوق الاقتصاديَّة المستقلِّة التي يشرف عليها المسلمون.

  • لم يتمكَّن النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم من إقامة حضارة النور الإسلاميَّة بمكَّة؛ لشِدَّة منابذة القوى الجاهلية هناك، وهذا كما قال بعض الأنصار:
ثَوَى فِي قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْرَةَ حِجَّةً

 يُذَكِّرُ لَا يَــلْقَى صَــدِيقًـــا مُـوَاتِيَـــا

وَيَعْرِضُ فِي أَهْلِ الْمَوَاسِمِ نَفْـــسَهُ

 فَلَمْ يَرَ مَنْ يؤوي وَلَمْ يَرَ دَاعِــيَــا

فَــلَمَّا أَتَانَــا وَاسْتَــــقَــرَّ به النّــــــَوَى

 وَأَصــْبَـــحَ مَسْــــرُورًا بِطِــيبَةَ رَاضِــيَــا

وَأَصْبَـحَ لَا يَخْشَى ظُــــلَامَةَ ظَالِمٍ

 بَعِيدٍ، وَلَا يَخْشَــى مِنَ النَّاسِ بَــاغِيَـا

 
بَذَلْنَــا لَهُ الْأَمْــــوَالَ مِنْ جُــــلِّ مَــالِنَا

 وَأَنْفُسَــــنَا عِنْــدَ الْوَغَــى وَالتَّـــآسِــــيَا

نُعَادِي الَّذِي عَادَى مِـنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ  كُلِّهِمْ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُوَاسِيَا

وَنَعْـــلَـــمُ أَنَّ اللهَ لَا شَـــــيْءَ غَيْـــــرُهُ

 وَأَنَّ كِتَـــــابَ اللهِ أَصْبَـــحَ هَــــــادِيَـا

أبو قيس صِرْمة بن أبي أنس

  • وصارت (سورة البقرة) رمزًا للنهوض الإسلاميِّ، في رفع الظُّلم والعدوان، كما كانت بداية له:

فيحكي العباس بن عبد المطلب أنه في معركة حنين، حين انكسر المسلمون ذكَّرهم النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بعهد سورة البقرة، فقال:

«الآن حمى الوطيس، ناد يا أصحاب سورة البقرة».  أحمد (1776)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين

“فَلَمَّا سَمِعُوا النِّدَاءَ أَقْبَلُوا، فَوَاللَّهِ مَا شَبَّهْتُهُمْ إِلَّا بِالْإِبِلِ تَحِنُّ إِلَى أَوْلَادِهَا”. أبو يعلى (3606). وحسن حسين سليم أسد إسنادها.

  • فجاءت سورة البقرة تبيِّن الدستور الهادي في العالم لإزالة آلامه، وتحقيق العدالة التي ينشدها في أجمل أحلامه.

أ.د/ عبد السلام المجيدي

وسيط تفسير سورة البقرة


الكلمات المفتاحية: توقيت النزول المعجز لسورة البقرة سورة البقرة