علام يعتمد اختيار أرض الهجرة في الإسلام؟
22 فبراير، 2024
302
المفهوم الاستراتيجي للهجرة (الهجرة مفهومٌ أوسع من مجرد الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام)
ربما تسمع في ذهنك ويتردد في خلدك عند سماع لفظ الهجرة أنها لفظ خاص بالمسلم الذي يعيش في دار الكفر وأنه يجب عليه أن يهاجر إلى أرض الإسلام، لكن قصر الهجرة على الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام وإن كان قد قرره أهل العلم سابقًا، إلا أن ذلك لأنهم لم يتصوروا يومًا أن تكون الدار التي تنتسب للإسلام دار ظلم، وعندما تراجع الآيات والأحاديث تجد المقصود بالهجرة الهجرة من دار الظلم إلى دار العدل.
فالهجرة في سبيل الله تعتمد على أساس وجود العدل لا على أساس وجود الإيمان، ففي دار العدل في المدينة وجد الإيمان، وبقي بعض اليهود إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدلك على ذلك الهجرة الأولى للمسلمين إلى الحبشة، فعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفُتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ بأرضِ الحبشةِ مَلِكًا لا يُظلمُ أحدٌ عنده، فالحقُوا ببلادِه حتّى يجعل اللهُ لكم فرجًا و مخرجًا مّما أنتُم فيهِ»، فخرجنا إليها أرسالًا حتى اجتمعنا، ونزلنا بخير دار إلى خير جار، أمنَّا على ديننا، ولم نخش منه ظلمًا… [1]. فهل كانت الحبشة دار إسلام أو كان أصحابها مسلمين؟ لم يكونوا كذلك، لكنها كانت دار عدل.
[1] «السلسلة الصحيحة» (12 / 23) برقم 3190، وقال: أخرجه البيهقي في «السنن « (9/9) رقم 17734 ، وفي «الدلائل « (2/ 301).