علم الاجتماع القرآني (3)
22 يناير، 2023
392
{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34]
لمَ كان القنوت من أهم صفات المرأة الصالحة؟
وما آفاق هذه الكلمة في بناء الأسرة وصلاح الذرية؟
وما الصفات التي تكون بها المرأة قانتة؟
في بناء الاجتماع الأسري المستقر جعل الله تعالى من صفات المرأة الصالحة أن تكون قانتة فقال تعالى {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} [النساء: 34]
والقنوت صفة تدل على الهدوء، والصبر، والتذلل، وانظر كيف أمر الرجال والنساء بالقنوت في الصلاة {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، فأي هدوء تراه وتذلل فيها.. ما أجمله، كذلك يجب أن تكون المرأة الصالحة في التعامل مع الأسرة والمجتمع:
والقنوت دوام الخضوع.. مهلًا لا تظنن المعنى دوام خضوع المرأة للرجل على معنى العبودية.. حتى يتجلى لك الأمر تجد أن الله أمر الرجال والنساء بالاتصاف بهذه الصفة، فقال للفريقين: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وبين لمريم عليها السلام أن الاتصاف بهذه الصفة من علامات الكمالات فقال: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} [آل عمران: 43]، وبذا فليس القنوت هنا يراد به دوام الخضوع بأن تكون المراة أمة للرجل، بل دوام الخضوع لربها، وذاك يكسبها الهدوء والمشي في الأرض هونًا، ومطاوعة الرجل لا مغالبته، وهذه الصفة من أهم تفاصيل صلاح المرأة، وذلك عند حضور الزوج، وهذه الصفة تعني طاعة الله، وعدم منازعة الزوج، والمطاوعة له عن رغبة ومحبة وود، ويجمع قنوت المرأة أربعة أشياء:
- الإِمساكُ عَنِ الكَلَامِ الذي لا داعي له فضلًا عن الكلام الذي يوغر الصدر،
- دعاءُ الله لاستجلاب الصلاح الأسري،
- الخُشُوعُ والإِقرارُ بالعُبودية والتفكر في الأمور الأخروية،
- القيامُ بِالطَّاعَةِ المحبة لله ثم للزوج فيما أمرها به من معروف.
إن من أعظم مواضع القنوت ترك الغضب، وها أنت ذا ترانا اليوم في ثقافة تلفزيونية حديثة يكون الغضب فيها جزءًا من التكوين الأسري للزوج وللزوجة، وبعض الناس يعتبر هذا جزءًا من التدين تظهر من خلاله قوته وعزته سواء كان من جهة الزوج أو من جهة الزوجة، ولذا يحرص العزيز منهما أو المستعز على أن يرفع صوته.. ساء تفكيرًا الذي يهدي لمثل هذا، فأين وصية النبي بعدم الغضب مرارًا، والله سبحانه وتعالى يقول لنبيه في آيات تتكلم عن دروس غزوة أحد: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]. إن ترك الغضب يدل على الصفة الأساسية لتربية الأولاد التربية الصالحة، ويؤدي إلى صلاحهم.
أ.د/ عبد السلام المجيدي
مفصل تفسير سورة النساء