مواعظ قرآنية مبكية (1)
2 أكتوبر، 2023
981
وعظ وبكى حتى غشي عليه
إنه الصدق الذي ينطق المخلصين لتظهر أحوالهم الشريفة ومقاماتهم العالية في كلمات نيرات ودموع صادقات ومشاعر زاكيات، ومن ذلك هذه المواعظ والكلمات
كان عَبْد الوَاحِدِ بْن زَيْدٍ، يَقُولُ: يَا إِخْوَتَاهْ أَلَا تَبْكُونَ خَوْفًا مِنَ النِّيرَانِ؟ أَلَا وَإِنَّهُ مَنْ بَكَى خَوْفًا مِنَ النَّارِ أَعَاذَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْهَا، يَا إِخْوَتَاهْ أَلَا تَبْكُونَ خَوْفًا مِنْ شِدَّةِ العَطَشِ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَا إِخْوَتَاهْ أَلَا تَبْكُونَ؟ بَلَى، فَابْكُوا عَلَى المَاءِ البَارِدِ أَيَّامَ الدُّنْيَا لَعَلَّهُ أَنْ يُسْقِيكُمُوهُ فِي حَظَائِرِ القُدُسِ مَعَ خَيْرِ القُدَمَاءِ وَالأَصْحَابِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا، قَالَ: ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ» [1].
ولَمَّا مَاتَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ حَزِنْتُ عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيدًا فَرَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَلَسْتَ فِي زُمْرَةِ المَوْتَى؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَمَاذَا صِرْتَ إِلَيْهِ بَعْدَ المَوْتِ. فَقَالَ: صِرْتُ وَاللهِ إِلَى خَيْرٍ كَثِيرٍ وَرَبٍّ غَفُورٍ شَكُورٍ، قَالَ: قُلْتُ: أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ طَوِيلَ الحُزْنِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، قَالَ: فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: أَمَا وَاللهِ يَا أَبَا بِشْرٍ لَقَدْ أَعْقَبَنِي ذَلِكَ رَاحَةً طَوِيلَةً وَفَرَحًا دَائِمًا، قُلْتُ: فَفِي أَيِّ الدَّرَجَاتِ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]
وعن صَخْرِ بْن رَاشِدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ فِي مَنَامِي بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدِمْتَ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَمَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي مَغْفِرَةً أَحَاطَتْ بِكُلِّ ذَنْبٍ، قَالَ: قُلْتُ: فَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: بَخٍ بَخٍ ذَاكَ {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (النساء: 69) [3].
وعن الحَسَن بْن صَالِحٍ، يَقُولُ: « لَمَّا احْتُضِرَ أَخِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، رَفَعَ بَصَرَهُ ثُمَّ قَالَ {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} ثُمَّ خَرَجَتْ نَفْسُهُ ، قَالَ: فَنَظَرْنَا إِلَى جَنْبِهِ فَإِذَا ثُقْبٌ فِي جَنْبِهِ وَقَدْ وَصَلَ إِلَى جَوْفِهِ وَمَا عَلِمَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ» [4]، وعَنْ، زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: « أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَصْلُ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [5]..
اللهم أسالك إيمانًا لا يرتد ونعيمًا لا ينفد ومرافقة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنان الخلد:
زعَـمُـوني أُحِـبُّ هِـندًا وَمَيّا
قَد أَتـى الزاعِمـونَ شَـيئًا فَـرِيّا
مـا لِهِـنـدٍ وَلا لِـمَيٍّ نَصـيـبٌ
في فُـؤادِ اِمرِئٍ أَحَـبَّ النَبِـيّا
مُصطَفى اللَهِ مِـن جَميعِ الـبَرايـا
مُجتَـباهُ حَـبـيبهُ القُـرَشِـيّا
أَشـرَقَـت شَمسُ فَضلِـهِ فَرَآها
كُلُّ مَن لَـم يَكُـن غَبِـيًّا غَـوِيّا
جاءَ وَالناسُ عَن هُدى اللَهِ ضَلّوا
فَهَداهُـم لَهُ الصِـراطَ السَـوِيّا
قَـد أَقامَ الـدَليلَ فيهِم كَلام الله
أَو لا فَالـصـارِمَ المَشـرَفِـيّا
فَـعَلَيـهِ يـا رَبِّ صَـلِّ صَـلاةً
تَجـمَعُ الفَـضلَ لا تُغـادِرُ شَيّا
#المجيدي
مفصل تفسير سورة النساء
[1] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 161).
[2] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 172).
[3] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 385).
[4] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (7/ 329).
[5] المحتضرين لابن أبي الدنيا (ص 236).