رحلةٍ قصيرة في قصة مثيرة
10 أبريل، 2022
681
لعل تعجب أبي العتاهية ليس مستغربًا عندما قال:
فيَا عَجَبَا كيفَ يَعصِي الإلهَ * * أمْ كيفَ يجحدهُ الجاحِدُ
وللهِ فِي كلِّ تحرِيكَة ٍ * * وفي كلّ تَسكينَة ٍ شاهِدُ
وفِي كلِّ شيءٍ لَهُ آية ٌ * * تَدُلّ على أنّهُ الواحِدُ
إنها قصة عالَـم كامل ٍمذهلٍ يختبئ في جزء غير منظورٍ في جسم الإنسان.. إنها قصة عالَـم الـشريط النووي الوراثي (DNA).. ولتتخيل ذلك خذ المعلومات الأولية الآتية:
يتكوّن جسم الإنسان من 100 تريليون خلية حية تقريبًا، والتريليون يساوي مليون مليون.. كل منها تحتوي على نواة تتحكم بالخلية، ومركز تحكم النواة عبارة عن46 كرموسوم، يتكون كلّ منها من شريطين مَجْدُولَين من المركبات الكيميائيّة.. يسميان “الحمض النووي الوراثي” DNA.
تأمل المفاجأة المدهشة لو تمّ فرد هذه الشرائط للخلية الواحدة لبلغت مترين.. ولو تم فرد شرائط DNA الموجودة في كلّ خلية من خلايا إنسان واحد فقط وتوصيلها معًا، لصارت كافية للتوصيل بين الأرض والشمس 133مرة، علمًا بأن المسافة بينهما تساوي 147.6 مليون كيلومتر تقريبًا!
هذا التصميم الذي يأخذ الأنفاس أخذ أنفاس أحد أشهر الملحدين المعاصرين هو «أنتوني فلو» بروفيسور الفلسفة البريطاني الذي كان من أشهر المدافعين عن الإلحاد أكثر من نصفِ قرنٍ تقريبًا، إذ بدأ يكتب مؤصلًا للإلحاد مُنذ عام 1950م، ففكر وقدر، ثم قرر أمرًا يحارب فيه الفطرة الضرورية الموجودة في كل إنسان بوجود الإله.. لقد قرر أنَّ الإلحاد يجب أن يكون هو الموقف الافتراضي للإنسان، وليس الإيمان! وأنَّ الذي يدَّعي وجود إله عليه أن يأتي بالبيِّنة!
المدهش أن بحثه الصادق قاده إلى الحقيقة التي لا ينكرها إلا المعاند.. لقد قادته أبحاثه إلى الإيمان بوجود إلهٍ في عام 2004م، حيث بلغ عمره 81 عامًا، وفي عام 2007م كتب كتابه المحطم للإلحاد وسط دهشة الملحدين: “هناك إله” (كيف غير أشهر ملحدٍ رأيه)
There is a God (How the World’s Most Notorious
Atheist Changed His Mind)
وكان من أهم عوامل هذا التغير مبدأ (العالمين) الذي يشير دون تردد إلى ضرورة وجود ربٍّ لهم، فقد راعه هذا التصميم الذكري المدهش لجزء صغير غير مرئي في كل فردٍ من العالمين هو الشريط النووي الوراثي المسمى (DNA)، ومن أقواله: “لقد أثبتت أبحاث علماء الأحياء في مجال الحمض النووي الوراثي: ومع التعقيدات شبه المستحيلة المتعلقة بالترتيبات اللازمة لإيجاد (الحياة): أثبتت أنه لابد حتمًا من وجود قوةٍ خارقةٍ وراءها”، كما تعجب (أنتوني فلو) صدق حقائق ما قاله ليد أدلمان (من جامعة ساوث كاليفورينا في لوس انجلوس): “بأن جرامًا واحدًا من الحمض النووي: يُمكن أن يُخزن من ورائه قدرًا من المعلومات يكفي لـ: تريليون من الديسكات المضغوطة التي نعرفها”.
انظر للعدد الهائل الذين يُكَوِّنون (العالمين) الموجودين فقط في (نواة) لخلية ضمن 100مليون مليون خلية تكون جسم الإنسان فمن أبدعها؟ ومن سوَّاها؟ ومن برمجها؟ إنهم جميعًا أدلة محسوسة على {رب العالمين}.. إن هذا الشريط النووي الوراثي المسمى (DNA) يحمل توقيعًا مؤكدًا على أن له مصممًا عالمًا قادرًا خبيرًا سميعًا بصيرًا هو رب العالمين.. وهذا الاستنتاج ليس من عندنا مع اعتزازنا به بل هو ثمرة كتاب (توقيع في الخلية) للدكتور ستيفن ماير.
وعلى ضفة أخرى ما أصدق قول الشاعر
تأمل في نبات الأرض وانظر … إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات … بأحداق كما الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهداتٌ … بأن الله ليس له شريك