مقتطفات

علم الاجتماع القرآني (22).. لماذا تبدأ كثير من الآيات القرآنية بقوله (ألم تر)؟

أ.د/ عبد السلام المجيدي

ستجد عند تدبرك البدايات القرآنية الكثيرة للآيات متميزة كقوله تعالى {أَلَمْ تَرَ} [النساء: 77]، ولعلك تسأل ما سر هذه البداية؟

إن هذه الجملة القرآنية الـمبتكرة الـمتكررة، تغرس فينا بصيرة واضحة:

فالله في القرآن يلفت نظرك إلى أصناف البشر، وأنواع الخلق، وتصرفاتهم فيقول: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ} [النساء: 77]، و{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [البقرة: 243]، و{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ } [البقرة: 246]، وغيرها،

 وهذا لتعرف كيف تتعامل معهم، ولتثق أن إعلام الله لك بهم أقوى مما تراه عيناك، فلا تحاول أن تكتفي بنظر بصرك، وتستغني به عن النظر الذي ينور الله به بصيرتك، فتقع في الضلالة والهوى..

والاستفهام للفت النظر والتعجيب ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ أي: تعال لنريك، أو تعال لتنظر شيئًا عجيبًا، أنت غير منتبهٍ له بعينيك، أي: بعيني بصيرتك..

 لا أن تحاول أن تبصر بنفسك لتهوي وتسقط في الضلال ويصيبك التيه في التفكير، إنما تعال وانظر سنريك نحن..

ووضعه على سبيل الاستفهام لبيان التحضيض والإزعاج والتشويق من أجل أن يرى الإنسان حقيقة الأمر، فهو يرى هؤلاء الناس ﴿أَلَمْ تَرَ﴾.. هم صنف من الناس، ولكنه لا يراهم على حقيقتهم، والقرآن يبصره بحقيقتهم،

والتعبير ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ يمدك ببصيرة شائقة في التصوير: إنه يخبرك بأن القرآن بصيرتنا.. يخبرك بأنه بصرنا في رؤية الأشخاص والأحداث، والحقائق، والتقدير: ألـم تر إلى فريقٍ من الذين قيل لهم: كفوا أيديكم.. انظر إليهم.. شاهد حقيقتهم.

وهنا نصل إلى بصيرة مهمة:

يجب أن نشاهد الواقع كما تصفه لنا البصائر القرآنية، فالتنوير الإلهي للبصيرة القلبية أوثق مما تراه العينان في الحالات الواقعية وخاصة في ميدان معالجة النفوس الإنسانية.

#بصائر

#المجيدي


الكلمات المفتاحية: علم الاجتماع القرآني لماذا تبدأ كثير من الآيات القرآنية بقوله (ألم تر)