مقتطفات

كيف تعالج كلمة ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾ بعضا من واقع الناس بصورة مدهشة؟

{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} [النساء: 83]

جمال الكلمة القرآنية (24)

 ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾ هذه كلمة معجزة حقًا، تبين لك الإعجاز القرآني في معالجة واقع الناس بصورة مدهشة، إذ حوت ثلاثة معانٍ في وقتٍ واحد:

أولاها: أذاعوه أي نشروه على أوسع نطاق كما قال أبو الأسود:

أَذَاعَ بِهِ فِي النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّهُ

بِعَلْـيَاءَ نَارٌ أُوقِـدَتْ بِثَقُوبِ

وثانيها: سعوا به من تعدية الفعل بالباء إذ أكسبها ذلك معنى آخر: هو السعي به، فكأنهم احتملوه فوق ظهورهم ليسعوا به هنا وهناك، ولمس ابن عباس هذا المعنى فقال: أفشوه وسعَوْا به [1]، فكأنه قال: أفشوه نشروه، وسعوا به ليسبب الوهن والضعف في المجتمع، وينشر الخلل بين الناس، وهذا يُتصور من كل تلك الفئات إما ضعفًا وسوء فهم، وإما طلبًا لتدمير الحياة المستقرة.

وهناك معنى ثالث لقوله: ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾، أي هم أذاعوا بسببه فاكتسبوا الشهرة لأنفسهم، لأنهم عندما يسعون بهذا الخبر يحدثون خلخلة داخل المجتمع، ويتسببون في الإرجاف، وبدلا من أن يساعدوا في الاستقرار الأمني يجعلونه مشكوكا فيه، ويشتهرون بسببه، وبعض هؤلاء الناشرين للإشاعات المغرضة يهدفون إلى التصدر؛ لأنهم مصابون بعقدة العظمة، ومحبة التصدر في المجامع، والظهور الإعلامي، وبعضهم يقومون بتغطية عوارهم في مسائل المواجهة الحقيقية، فيظهر منهم عدم الاتزان وضياع سلوك السبيل الصحيح في معالجة ما يرد على الصف المسلم من المسائل والقضايا والمستجدات، فما وجدوا من خبرٍ أذاعوا به مما يتوهمون أنه يبني لهم مكانة، فلا يرجعون إلى المؤسسات المعنية، ولا الأجهزة الشورية المناسبة، ولا إلى الخبراء المختصين.


[1] تفسير الطبري ت شاكر (8/ 569).

#


الكلمات المفتاحية: كيف تعالج كلمة ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾ بعضا من واقع الناس بصورة مدهشة وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ