جمال الكلمة القرآنية (1) | إنقاذ الإنسانية من أزماتها
13 أبريل، 2022
630
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ
وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ؛ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]
هذه الجملة القرآنية الدستورية تتضمن عددًا من المعاني الحافظة للمجتمع والمنقذة للإنسانية من أزماتها الفكرية المعاصرة، فلستم أخوة فقط بل نحن نفس واحدة.
تخيل كيف ستكون صورة الإنسان بعد سماع هذا الكلام ﴿(وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ (النساء:29)
فهاك سبعة معان تنطق بالحكمة التي تثمر الرحمة:
المعنى الأول: ولا يقتل بعضكم بعضًا، وأنتم أهل ملة واحدة، ودعوة واحدة، فالضميران فيه على التوزيع، فأنتم كنفس واحدة، فمن قتل أخاه فكأنما قتل نفسه، وهذا مصطلح قرآني فريد مدهش نوجهه لأمة فعل بعض أبنائها بها ما لم تفعله الوحوش الضارية بفرائسها.
والمعنى الثاني: لا تقتلوا أنفسكم بالانتحار مهما كانت الآلام، بل يجب على المجتمع أن يخفف عنكم تلك الآلام.
المعنى الثالث: لا تقوموا بالجرائم التي تعاقبون عليها بالعقوبة القصوى، مثل جريمة الخيانة العظمى التي فيها تدمير للإنسانية وبثها في الأرض.
المعنى الرابع: لا تقتلوا أنفسكم بارتكاب المعاصي التي تسبب البؤس الفردي، والدمار الجماعي، وتهلك عقولكم وأرواحكم.
المعنى الخامس: لا تقتلوا أنفسكم بفعلٍ يؤدي إلى إيذاء النفس أو إزهاقها حتى لو كان الفعل طاعةً إلا أن تكون طبيعته مقتضية لذلك مثل الدفاع عن الإيمان والبلدان والمستضعفين.
المعنى السادس: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم، ولا تقتلوا أنفسكم في تحصيلها بل ابحثوا عن الكسب المشروع على رضا وهون، وهذا معنى جميل يظهر من السياق الخاص القريب.
المعنى السابع: لا تقتلوا أنفسكم باتباع الأنظمة الجاهلية.. لا تقتلوا أنفسكم بتقديم الأهواء الغوية على تشريعات الكتاب الخاتم.. تتوهمون السلامة في تلك الأفكار والتشريعات وتبتعدون عما أمر به رب الأرض والسماوات فإذا أنتم قد وقعتم في الهلكة والدركات، وهو أيضًا معنى معتبر يدل عليه السياق العام.
فأي الشرائع حازت هذا النظم المعجز؟، وأي تشريع احتوى على هذا التنظيم المميز؟، لكنه القرآن ومعانيه ما زال ينقذ ويهدي ويبصر فهل من مستبصر.