قصة رحلة الخلود: قصة حقيقية تصف زفاف شاب إلى جنات الخلود
3 يوليو، 2021
661
عرض/ خالد مطهر العدواني
إن أكثر الكتب التي يحبها القراء هي تلك التي تتحدث عن الجنة ونعيمها والخلود فيها وما أعده الله للمؤمنين من عباده ، وأجملها تلك التي تتحدث عنها بأسلوب أخاذ يأسر القلب والوجدان ، وكتابنا هذا قد يكون من هذا النوع بل قد وجدته يختلف عن غيره من الكتب التي تحدثت عن الجنة ، فقد منَّ الله على مؤلفه بالأسلوب البلاغي الرائع ، والسجع الجميل، وهل يمكن للكلمات أن تصّور ذلك النعيم حقًّا ..؟ فيجيب الكاتب ” لا !..؟ لا يمكن !
إن بلاغتنا تتوارى خجلاً من وصفه .. فصاحتنا تتضاءل حياء من ذكره .. إن الدنيا المشاهدة لنا بكل ملذاتها ، ونعيمها لا تساوي جناح بعوضةٍ من ذلك النعيم .. فكيف يمكن وصفه ؟” وعند قراءتك لهذا الكتاب تشعر وكأنك تقرأ كتابًا لأحد المجددين كالغزالي وابن القيم، والذي نهج الكاتب نهجهم في كتابته للكتاب، ففي ثلاثمائة وثلاثة وخمسين صفحة استطاع المؤلف من خلالها أن يحكي لنا قصة رحلة الخلود، وهي قصة حقيقية تصف زفاف شاب إلى جنات الخلود، وذلك من خلال وحي الكتاب والسنة .. تجعل من يقرأ هذا الكتاب يعيش أحداث هذه القصة بعقله ووجدانه، ولا يسعه حين يبدأ بقراءتها إلا أن يكمل القصة؛ لبلاغة ألفاظها، وأسلوبها الجذاب، وسردها الممتع ..
يقول عنها الكاتب في مقدمته « إنها قصة شاب كان أواباً قانتاً مخلصاً تواباً .. قد جعله ربي من المصطفين الأخيار .. من المخلصين المخلّصَين الأبرار .. قَمتُ بتتبع سيرته، والتقاط أنفاسه، وتدوين قصته .. كما رسمها القرآن الكريم حيث يتم زفافه إلى عالم الخلود في فردوس العزيز المجيد .. فتأمل معي قصته على الحقيقة .. وارجع بها إلى دنياك .. ارجع بها إلى دنياك لتنظر : أأنت حقاً على سوي الطريقة؟ ..) وترى في تضاعيف هذه القصة وصفاً رائعاً لزفاف مؤمنٍ مخبتٍ إلى جنة الله التي أشرعت لها ميادين السباق .. وبذلت في سبيلها الأعناق .
ولقد ابتعد الكاتب في كتابه عن الأسلوب العلمي الجاف بنمطه القاصر .. وأقبل على الأسلوب العلمي المتأدب الذي يخاطب العاطفة كما يخاطب العقل في سرد النعيم . ولقد سلك الكاتب في رواية هذه القصة منهجاً فريداً مزج به بين الأحداث التي رسمتها المشاهد القرآنية؛ لتكون لوناً من ألوان التفسير الموضوعي الذي امتزج بالتصوير الفني .. فيقول: « أرجو أن أفتح في ذلك آفاقاً جديدة في منهجية جديدة للتفسير الموضوعي، وفي تقريب لغة القرآن إلى الناس حيث ابتعد الإحساس بما تحويه من معانٍ ومشاهد».
ولقد بدأ الكاتب كتابه بقوله :« فهذه قصة حقيقية لم يقصها عليك خبرٌ يتناقله السمّار في نواديهم .. يلهون به .. ولا نبأ روته الجرائد .. وتناقلته وكالات الأنباء المعتادة .. ولكنها خبرٌ صادقٌ نقلته إليك إذاعة النبأ العظيم الصادر عن الملك الخلاق العليم .. إنها قصة تقرؤها .. فتجذبك إليها جذباً بما تحمله من إثارةٍ وتشويقٍ .. وتلمح مع كل سطرٍ من أسطرها ملامح المستقبل القادم ونهاية البداية الصادقة .. نهاية الدنيا .. النهاية التي ستراها واقعةً صادقةً لا ريب فيها ﴿إنما توعدون لصادق﴾.
وانطلق الكاتب في كتابه هذا من أن كل ما وصف في القرآن والسنة أحداث واضحة كأنها تنقل إلى القلب والعين على الهواء مباشرة .. لذا ترى القرآن يصف مشاهد معاينة بالعين .. عين البصيرة كما في قولة تعالى (ولو ترى …) . ولقد اتبع الكاتب منهجية الترتيب والتنسيق بين النصوص على شكل كلام متآلف متكامل مندرج ضمن تسلسل منطقي من الأحداث التي يؤمن بها يقيناً، وذلك باستخدام فن الربط بين النصوص .. وهذا عمل ليس باليسير، قال الكاتب بأنه عانى في محاولة دمجه معاناة شديدة؛ حرصاً على الوصول إلى الترتيب المنطقي الذي جاءت الآيات والأحاديث لتوضيحه.
ولقد اختار العبارات المختلفة في الرواية الواحدة على التعدد في اللفظ الصادر عند حدوث القصة .. مما جعل راوياً يروي شيئاً مما سمع، والآخر يروي شيئاً آخر .. ولم يحمل تلك العبارات على السهو أو الشذوذ إلا إذا نص على ذلك الأئمة المعتبرون: فمثلاً : قول الرجل الذي هو آخر أهل الجنة دخولاً : تبارك الذي نجاني منك .. وقوله في رواية أخرى : الحمد لله الذي نجاني منك .. فإن القصة وواقعها تدل على أن الناجي قد يقول العبارة الأولى .. وقد يكررها بصيغة أخرى كما في الرواية الأخرى.
ويستعمل الكاتب أسلوب المخاطبة مع القارئ: مثل : يا خاطب الجنة، يا عاشق الجنة، أيا حبيباه، بحيث يشعر القارئ بأنه هو صاحب الأحداث وهو الهدف الأكبر للكتاب.
ولقد قسم الكتاب إلى خمسة فصول يتضمن كل فصل عدة مشاهد عامة كل مشهد يقرب من عشر صفحات .. تصلح لأن تكون محاضرةً مستقلة بذاتها .. إضافة إلى المقدمة وخاتمة القصة ،والفهرس الموضوعي التفصيلي، إضافة إلى ملحق شمل منهجية كتابة هذه السلسلة المباركة ..
كما أن الكاتب صاغ عناوين المشاهد والعناوين الفرعية بأسلوب خطابي تبعاً لأسلوب الإثارة العاطفي، والتشويق الجاذب للانتباه .. ولم يصغها لتعبر عن المضمون العلمي المجرد مما يشوق لقراءة ما تحت السطور، فمثلاً :
أيتها الروح الطاهرة .. انظري هناك : منازل خاصة .. لمن هي ؟
في جلسةٍ خلويةٍ مع النفس: تفكر ماذا ستطلب في الجنة ؟
والآن أوقف كل تصور عندك .. وانظر معي إلى هذه الصورة:
يا أهل الجنة أشرفوا على أهل النار، وذكروهم بما كانوا يستهزئون:
يا حبيب الجنة: الجنة تطالب بك .. وتشتاق إليك:
وتارة يستخدم أسلوب الاستفهام والتساؤل:
ولكن ما حال ذي القلب المنيب ، وكيف يكون بعثه السهل الرحيب؟
لكن كيف حال العروس بين الفزعي ؟
بعد هذه البشائر المتتابعة: ماهي أعظم أمنية لك أيها المخبت المنيب:
هذه هي الأساور؟ فكيف ستكون الثياب؟
ها هي الجنة قد أزلفت غير بعيدٍ .. أتستطيع أن تفصح عن مشاعرك؟
وغالباً ما يختتم المشهد بأبيات جميلة، تلخص ذاك المشهد بأسلوب بديع وجذاب، ففي المشهد ( وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً )
أتبلغ نفسي في الجنان مناها سقى الله أتي عهدها وسقاها
فهل أبتغي عن عهدها بدلاً .. وهل تملّك قلبي المستهام سواها
وفي المشهد ( إلى أبهى جمال ، وأحلى دلال ..)
فيا خاطب الحسناء إن كنت راغباً فهذا زمان المهر فهو المقدّم
وكن مبغضاً للخائنات لحبها فتحظى بها من دونهن وتنعم
ولم يكتف الكاتب بذكر الأبيات الشعرية في أواخر المشاهد بل كان للشعر حظٌّ وافرٌ عند وصفه للمشاهد والمواقف (فإن من الشعر لحكمة ) فقد سرد الكثير من الأبيات الشعرية التي فيها رجاء وخوف من الله، والأبيات التي تصف بعض المشاهد الأخروية ، وإليك مثالاً لها :
وهو يصف حالة المؤمن المنيب عند الاحتضار ومصيره بعد الموت؟
كيف أشقى وقد أنرت سبيلي وشرحت الفؤاد بالتنزيل
كيف أشقى ومهجتي في هناءٍ أنت يا رب مؤنسي وخليلي
وعند وصفه للحور:
تراه إذا أبدت له حسن وجهها يلذ به قبل الوصال وينعم
إذا قابلت جيش الهموم بوجهها تولى على أعقابه الجيش يهزم
كما أن الكاتب ذكر بعض أسباب دخول الجنة عرضاً عند سرد القصة وذلك من باب التشويق والحث عليها .. ويقول الكاتب ( ليس المراد من الكتاب الإحاطة بما ورد في الجنة من نعيم بل الإشارة والذكرى بالبشارة والإيمان بالعبادة .. على جميل المورد وحسن المآب .. الهدف العام: هو التشويق والإثارة .. فهل من مشمر ..؟ ) .
ويقول الكاتب في خاتمة القصة ( الآن قد عدت –أيا حبيباه – من التقلب في أعطاف هذا النعيم العظيم .. تقلبت فيه، ووجدت لذته بمجرد الوصف فكيف سيكون حالك عند المعاينة؟ .. كيف ستكون عند انغماسك فيه، أيا حبيب الجنة: لقد خاطبتك، ونصحتك، وأنا أعلم أنني كنت أخاطب نفسي وأنصحها في شخصك .. أتراه يظهر بعد هذا الوصف الرائق المشوق شوقك بشرى ربك؟ هل سترى من نفسك مسابقة إلى نعيم جنة عرضها السماوات والأرض بتوبة نصوح ، وإيمان صادق ) .
ويبين الكاتب أن كل ما ذكره في القصة عن الشاب المنيب يسري مثله على الفتاة أو المرأة القانتة العابدة فإن الله – عز جاهه – ذكر حقها وأجرها كما ذكر أجر الرجل، ولا تختلف المرأة عن الرجل في شيء من ذلك النعيم، على ما كان من خصوصية واضحة له ، وذلك كأن لا يكون لها زوجٌ في الدنيا كحال مريم البتول عليها السلام، أو تكون زوجة لرجل كافر كحال امرأة فرعون عليها السلام .. ففي هذه الحالة يزوجها الله – عز جاهه– برجل من أهل الجنة.
واختتم الكاتب القصة بقولة ( كانت تلك – أيا حبيب الجنة – قصة رحلة الخلود .. حيث رأيت فيها شاباً مؤمناً يزف على جنة الرحيم الودود تحمل تفاصيلها أحداثاً مثيرة، وأخباراً مشوقةً كثيرةً .. تشوق النائم لأن يستفيق ، والمقتصد لأن يجتهد .. فقد استبانت الطريق .. ولاحت .. فهل أجد نفسي وأجدك – أي حبيباه – فيها من المتنافسين ؟ ) .