جامعة الباقيات الصالحات
29 أغسطس، 2021
680
ما أوسع السماء! وما أعظم الميزان! ولكن الأعجب أن كلمة تملأ وسع السماء وعظمة الميزان، فتعال لنتعلم أسرار تلك الكلمة.
عندما تقرأ القرآن المجيد وفق ترتيب سوره ستجد أن الحمدلة أولى الباقيات الصالحات ذكرًا في القرآن الكريم، فلماذا قُدِّمتْ عليها جميعًا؟ الجواب: لأنها أصل الأذكار، فالحمد دالٌّ على الثناء، والثناء يكون: تارةً بإثبات الكمال المطلق لله، وهذا هو معنى: (الله أكبر)، وتارةً يكون بالاعتراف بالعجز عن الإدراك والحِراك، وهذا هو معنى: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وتارةً يكون بالتعظيم، ونفي النقص، وهذا هو معنى: (سبحان الله)، فـ(سبحان اللَّهِ) تدلُّ على كونه تامًّا كاملًا في ذاته، و(الْحَمْدُ لِلَّهِ) تدلُّ على كونه مكمِّلًا متمِّمًا لغيره، وتارةً يكون بإثبات استحقاقه للعبادة دون سواه، وهذا معنى: (لا إله إلا الله).
والكلمات الأربع (سبحان الله، والله أكبر، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله) كلها ترجع إلى (الحمد لله)؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ) رواه مسلم
والباقيات الصالحات أحد أعظم الكنوز التي قُدمت للبشرية في دنياها، وقد علمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته، وحثها على ترديدها، فهي ملجأ المرء وملاذه إذا ضاق أمره، فقد جاء أعرابِيٌّ إلى النَّبِيِّ -صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم– “فقال: يا رسول الله، علِّمنِي خيرًا، فأخذ النَّبِيُّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بيده فقال: (قل سبحان الله، والحمد للَّه، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر). قال: فعقد الأعرابيُّ على يده ومضى فتفكَّر ثمَّ رجع، فتبسَّم النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلَّم قال: (تفكَّر البائس)، فجاء فقال: يا رسول الله، (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر) هذا للَّه فما لي؟ فقال له النَّبِيُّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم: (يا أعرابيُّ إذا قلت: سبحان الله، قال الله: صدقت، وإذا قلت: الحمد لله، قال الله: صدقت، وإذا قلت: لا إله إلَّا الله، قال الله: صدقت، وإذا قلت: الله أكبر، قال الله: صدقت، وإذا قلت: اللهمَّ اغفر لي، قال الله: فعلت، وإذا قلت: اللهمَّ ارحمنِي، قال الله: فعلت، وإذا قلت: اللهمَّ ارزقني، قال الله: قد فعلت)، قال: فعقد الأعرابِيُّ على سبعٍ في يده ثمَّ ولَّى”. (البيهقي في الشعب والمقدسي في المختارة وحسنه الألباني)
وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الذين يذكرون من جلال الله من تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوى كدوي النحل يُذَكِّرْن بصاحبهن. ألا يحب أحدكم أن لا يزال له عند الله شيء يذكر به؟) مسند أحمد وحسنه الأرناؤوط.